إنسان قال : يا رب إن أعطيتي سأعمر مسجداً ، قال له إنسان ساخراً : من أين لك أن تكون غنياً ؟ هذا شيء من سابع المستحيلات ، قال له : هل أنت أكرم من الله عز وجل ؟ قصة في بلد إسلامي ، إنسان متواضع فقير ، يعيش يوماً بيوم ، يكسب قوت يومه ، فجمع بعض المدخرات المالية ، واستدان ، واقترض ، وكان هناك مولدات كهربائية رائجة جداً في هذا البلد ، فاشترى أربعين مولدة بكل ما يملك مع الديون والقروض ، بعدما اشترى مولدات أسست شركة كهرباء في هذا البلد ، فهذه المولدات لا تباع ، ولا تشترى ، أين يضعها ؟ اشترى أرضاً بعيدة ، ووضع فيها المولدات ، وسورها بشريط شائك ، نسي الموضوع كلياً ، حتى أقسم بالله أنه قد نسي الأرض والموضوع كله ، شيء انتهى بيعه ، كان هناك شركات خاصة تنور المدينة ، فلما أُسست شركة كهرباء عامة ، فهذه المولدات لا قيمة لها إطلاقاً ، بعد عشر سنوات وصل العمار إلى هذه الأرض ، وأصبحت منظمة باعها بأربعين مليون ريال ، وعمر مسجداً ضخماً .
الله إذا أعطى أدهش ، الإنسان أحياناً يسمع قصة يشعر نفسه صغيراً .
حدثني أخ طبيب : أنه يوجد عنده بالمشفى طفل معه مشكلة في قلبه ، يحتاج إلى عملية جراحية ، لأن هناك خلل في قلبه ، والعملية تكلف مئتين و خمسين ألفاً ، وأهل الخير كُثر ، فأُخبر الطبيب أن هذا الإنسان عمليته مغطاة من أحد المحسنين ، الطبيب فرح ، فلما أبلغ هذا الإنسان رفض أن يأخذ هذا المبلغ ، هذا الإنسان ماذا يعمل ؟ عنده ورشة أحذية بالجبل قال له : أنا عندي شيء أبيعه ، أنا أبيع هذه الورشة وأعود صانعاً في صنع الأحذية ، ودع هذا المبلغ لمن لا يجد ما يبيعه ، يقول لي الطبيب : ما وجدت إنساناً عنده شهامة ، وعنده عفة كهذا الإنسان ، وباع الورشة ، ورجع صانعاً ، وعالج ابنه .
القصة الثانية سمعتها اليوم ، آذن فقير جداً ، ورث أرضاً بأحد أحياء دمشق المتطرفة ، ورجل محسن أحب أن ينشئ مسجداً هناك ، كلف مهندساً من أخواننا بأن يبحث له عن مكان مناسبة ، وجد أرضاً مناسبة ، صاحبها هذا الآذن الذي ورثها من فترة ، ساومه على شرائها كان الثمن ثلاثة ونصف مليون ، وكتب شيك ، فلما علم صاحب الأرض أنها من أجل مسجد مزق الشيك وقال : أنا أولى أن أقدمها لله عز وجل ، يقول هذا الرجل الميسور الذي معه مئات الملايين : بحياتي ما صغرت أمام إنسان كما صغرت أمام هذا الإنسان .
الإنسان يكبر بعمل ، ويصغر بعمل ، يكبر حتى تجد أنه لا نهاية لكبره ، هذا القلب يكبر ويكبر حتى يتضاءل أمامه كل كبير ، يصغر ويصغر حتى يتحاقر عليه كل حقير، هناك إنسان دنيء ، وهناك إنسان كبير ، لا يكبرك مالك ، يكبرك أخلاقك ، إنسان في أمس الحاجة لهذا المبلغ قدمه لوجه الله عز وجل ، لبيت من بيوت الله ، الآن المسجد أنشئ وكلف عشرات الملايين ، وصاحب أرض هذا المسجد إنسان فقير ، وهذا الذي رفض أن يأخذ مئتين و خمسين ألفاً قال : أنا عندي شيء أبيعه ، ابقِ هذا المبلغ لمن لا يجد ما يبيعه .
(( إِذا سألتَ فاسأل الله ، وإِذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رُفِعَتِ الأقلام ، وجَفَّتِ الصُّحف ))
أحدث التعليقات