يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل : “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين”، فالله سبحانه وتعالى يكره الإسراف والمسرفين، فالإسراف من أكثر السلوكيات السلبية المُسبّبة للكثير من المشكلات، بالإضافة إلى أنّه يكسب صاحبه الإثم على هدر النعم، فالإسراف يعود على الفرد والمجتمع بالخسارات الكبيرة؛ حيث يُسبّب ضياع وهدر الطاقة والمال وكل شيء، كما يتسبّب في حرمان الكثير من الناس في حقهم الطبيعي في الكثير من الأشياء، وضياعها بلا فائدة.
بالإضافة إلى أنّ الله سبحانه وتعالى يكره المسرفين فقد وصفهم في القرآن الكريم بصفةٍ سيئةٍ جداً؛ حيث قال عنهم بأنّهم إخوان الشياطين، وهذا دليل على بشاعة الإسراف، ومن الآثار الاجتماعية السيئة للإسراف أنه يعتبر من الأمور المنافية للأخلاق الكريمة، ويُشكل قدوةً سيئةً للأجيال القادمة، فلا يحافظون على مقدراتهم الشخصية ومقدرات الوطن والعائلة، وهذا كله سبب في تأخر الأمة في التطور والتقدم.
يتخذ الإسراف أشكالاً كثيرةً، من أهمها الإسراف في إعداد الطعام وعدم تناوله، مما يؤدي إلى إتلافه ورميه، وعدم الاستفادة منه، والإسراف في استخدام كميات المياه الموجودة في كوكب الأرض، ونقص مصادر الطاقة. أوصى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بعدم الإسراف، حيث قال في الحديث الشريف، الذي يُعبّر عن ضرورة التوفير قدر الإمكان حتى لو توافرت الأشياء بشكلٍ كثيرٍ وكبير: “لا تسرف في الماء ولو كنت على نهرٍ جارٍ”، لكن للأسف، تفوتنا هذه الأمور دائماً، ونسرف في كل شيء، دون أن ندرك أننا نُغضب الله ورسوله.
في الوقت الحالي، انتشرت برامج التوعية الكثيرة التي يقودها أشخاصٌ متطوعون، ووزارات ودوائر رسمية، وذلك لعمل حملات للتوعية بضرورة التوفير وتجنب الإسراف، ومن أهم الأشياء التي تركز عليها هذه الحملات التوعوية هي التوفير في مصادر الطاقة، من كهرباءٍ وماءٍ ووقود، وبالإمكان استغلال مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس لتجنّب الإسراف في الكهرباء مثلاً، مع ضرورة إطفاء الأنوار في الغرف التي لا يجلس بها أحد، وكذلك الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو الجامعة بالاتفاق مع أشخاصٍ يملكون سياراتهم الخاصة للذهاب سويةً إلى العمل بشكلٍ جماعي وبسيارةٍ واحدةٍ، وذلك لتجنّب الإسراف في الوقود الذي يعتبر من من مصادر الطاقة غير المتجددة.
الجدير ذكره أنّه من الضروري جداً التمييز بين الإسراف والكرم، وبين التوفير والبخل، فالإسراف يكون في غير فائدةٍ وفي غير وجه حق، أما الكرم فيكون في مكانه الصحيح ولأشخاصٍ محتاجين، كما أن الإسراف لا يتنافى مع الصّرف والإنفاق، لكنه يكون بشكلٍ مقنن، بعيداً عن ضياع المال والمقدرات، لذلك علينا جميعاً أن نلتزم بالحكمة في الإنفاق وتجنب الإسراف في كل شيء.
أحدث التعليقات